فصل: قال ملا حويش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومن نصبه فعلى المصدر، أي: نعتذر معذرة.
165 {بِعَذابٍ بَئِيسٍ}: من بئس باسة إذا شجع وصار مقدامة، أي: عذاب مقدم عليهم غير متأخر عنهم.
ومن قرأ {بيس}- فعلى الوصف مثل نقض- ونضو أو كان بئيسا فخففت الهمزة، ونقلت حركة العين إلى الفاء كما قيل: كبد وكبد.
167 {تَأَذَّنَ رَبُّكَ}: تألّى وأقسم قسما سمعته الآذان.
وقيل: أمر. أو أعلم، من آذن.
{لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ}: يعني العرب تأخذهم بالجزية والذلة.
168 {وَقَطَّعْناهُمْ}: شتتنا شملهم.
169 {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى}: يرتشون على الحكم.
{وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ}: أي: لا يكفيهم شيء ولا يشبعهم مال.
أو يأخذون من الخصم الآخر كما من الأول.
{وَدَرَسُوا ما فِيهِ}: تركوه حتى صار دارسا، أو تلوه ودرسوه ثم خالفوه مع تلاوته.
171 {نَتَقْنَا الْجَبَلَ}: قلعناه ورفعناه من أصله، وسببه أنهم أبو قبول فرائض التوراة.
{وَظَنُّوا}: قوي في نفوسهم وقوعه إن لم يقبلوا.
172 {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ}: قال ابن عباس: أخرج اللّه من ظهر آدم ذريته، وأراه إياهم كهيئة الذر، وأعطاهم من العقل، وقال: هؤلاء ولدك آخذ عليهم الميثاق أن يعبدوني.
وإنما أنسانا اللّه ذلك ليصح الاختبار ولا نكون مضطرين، وفائدته علم آدم وما يحصل له من السرور بكثرة ذريته.
وقيل: إنهم بنو آدم الموجودون على الدهر، فإن اللّه أشهدهم على أنفسهم بما أبدع فيها من دلائل التوحيد حتى صاروا بمنزلة من قيل لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى على وجه الدلالة والاعتبار.
175 {آتَيْناهُ آياتِنا}: أمية ابن أبي الصلت. وقيل: بلعم بن باعوراء كان عنده اسم اللّه الأعظم فدعا به على موسى.
{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ}: أتبعته: لحقته، وتبعته: سرت خلفه، أي: لحقه الشّيطان فأغواه.
176 {أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} سكن إليها ورضى بما عليها، وأصله اللزوم على الدوام، والمخلّد من لا يكاد يشيب أو يتغير.
{أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}: كل شيء يلهث فإنما يلهث من تعب أو عطش، والكلب يلهث في كل حال، فالكافر يتبع هواه أبدا.
179 {ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ}: لما كان عاقبتهم جهنم كأنه خلقهم لها.
{بَلْ هُمْ أَضَلُّ}: لأنها لا تدع ما فيه صلاحها حتى النملة والنحلة، وهم كفروا مع وضوح الدلائل.
180 {يُلْحِدُونَ}: لحد وألحد: مال عن الحق.
وقال الفراء: اللّحد: الميل، والإلحاد بمعنى الإعراض. وإلحادهم في أسماء اللّه قولهم: اللات من اللّه، والعزى من العزيز.
181 {وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ}: عن النبي عليه السلام: أنها هذه الأمة.
وفيه دلالة على حجة الإجماع.
182 {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}: نهلكهم، من درج: هلك، أو من الدّرجة، أي: نتدرج بهم على مدارج النعم إلى الهلاك.
{مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}: بوقت الهلاك لأن صحة التكليف في إخفائه.
183 {وَأُمْلِي لَهُمْ}: انظرهم، والملاوة: الدهر.
187 {أَيَّانَ مُرْساها}: متى مثبتها.
{لا يُجَلِّيها}: لا يظهرها.
{يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها}: أي: يسئلونك عنها كأنك حفيّ بها، فأخر عن وحذف الجار والمجرور للدلالة عليها، فإنه إذا كان حفيا بها سئل عنها كما أنه إذا سئل عنها فليس ذلك إلا لحفاوته بها.
188 {لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}: أعددت في الرخص للغلاء، وما مسني الفقر.
وقيل: لاستكثرت من العمل الصالح، وما أقول هذا عن آفة، وما مسني جنون.
189 {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ}: من آدم، {وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها}: من كل نفس زوجها على طريق الجنس ليميل إليها ويألفها. {فَلَمَّا تَغَشَّاها}: أصابها، {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} أي: المنى.
{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحًا}: ولدا سويا صالح البنية.
ومن قال: إن المراد آدم وحواء كان معنى جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ الولدين لأنها كانت تلد توأما.
194 {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ}: الدعاء الأول: تسميتهم الأصنام آلهة، والدعاء الثاني: في طلب النفع والضر من جهتهم وسماها عبادا لأنها مخلوقة مذللة.
200 {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ}: يزعجنك، {مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ}: وسوسة.
201 {طائِفٌ}: خاطر، أو لمم كالطيف الذي يلم في النوم، وطيف لغة في طائف، مثل ضيف وضائف، ودرهم زيف وزائف.
والشيطان لا يقدر أن يفعل في القلب خاطرا وإنما يوجد فيه إيهام ما دعا إليه.
203 {لَوْلا اجْتَبَيْتَها}: هلّا تقبّلتها من ربك، أو هلّا اقتضبتها من عند نفسك.
اجتبيته، واختلقته، وارتجلته، واقتضبته، واخترعته بمعنى.
204 {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا}: عن عمر أنه أتاه البشير بفتح تستر. وهو يقرأ البقرة- فقال: يا أمير المؤمنين أبشر أبشر- يردد عليه وهو لا يلتفت إليه حتى فرغ، ثم أقبل عليه بالدّرة ضربا ويقول: كأنك لم تعلم ما قال اللّه في الإنصات عند قراءة القرآن.
206 {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}: أي: الملائكة، فهم رسل اللّه إلى الإنس، أو هم في المكان المشرّف الذي ينزل الأمر منه. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الأعراف:
عدد 39- 7.
نزلت بمكة بعد ص، عدا الآيات من 162 إلى 170 فإنها نزلت بالمدينة، وهي مائتان وست آيات، وثلاث آلاف وخمس وعشرون كلمة، واربعة عشر الفا وعشرة أحرف، يوجد في القرآن ثلاث عشرة سورة مبدوءة بالحروف المهملة، هذه والبقرة وآل عمران ويونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة.
أما ما بدأ بالحروف المعجمة فقد ذكرنا في سورة نون أنها هي وق، وقد اختلفوا في معانيها على أقوال كثيرة ولا يعلمها على الحقيقة إلا اللّه لأنها من المتشابه الذي لم يطلع على المراد منه أحد إذ استأثر به نفسه وهي من أسرار القرآن التي يجب الإيمان بها على ظاهرها ويوكل علم ما فيها إلى منزلها.
قال علي كرم اللّه وجهه لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي، ومن معجزات القرآن أنها جمعت في آية واحدة من آل عمران في ج 3 عدد 154 وهي {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاسًا} إلخ وإن عشر سور أخرى من هذا القبيل مريم والطور والخواتيم، قال أبو بكر: في كل كتاب سر، وسر اللّه في القرآن أوائل السور، ولا يقال كيف يخاطب اللّه بما لا يفهم إذ له أن يكلفهم بما لا يعقل جزما كرمي الحجارة في الحج وعدد ركعات الصلاة وغيرها، لأن الحكمة المرادة منها لا تعرف يقينا، أما قولهم هي مواقع الشيطان الذي كلم إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام فيها يوم أراد ذبحه فهو أمر ظاهري ليس الا، وهذا من كمال الانقياد لقدرته وقدمنا بعض ما فيها أوائل سورتي ق ون المارتين وفي المقدمة في بحث الفرق بين الوحي الإلهام، وسنلمع في كل منها ما نقف عليه من معانيها في محله كما فعلنا في سورة ص المارة.
واعلم أن جميع ما جاء من حروف الهجاء في أوائل السور أحد عشر حرفا مهملا وهي: أ ل م ص ط س ح ر ك هـ ع وثلاثة معجمة وهي: الياء والقاف والنون، وهي هنا اسم للسورة وفواتح أسماء اللّه الحسنى أنا اللّه المعبود الصبور المصور اللطيف المجيد الذي يفصل بين الخلق ويعلم ما هم عليه وما هم صائرون إليه وسر من أسراره الدائرة بينه وبين حبيبه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {المص 1} قال أهل المعرفة ما من سورة ابتدئت بالم إلا وتشتمل على ثلاثة أمور:
1- الخلق وكيفيته وهو البداية، 2- والمعاد وما فيه وهو النهاية، 3- والوسط وما يتعلق به وهو المعاش وفيه اشارة إلى مخارج الحروف الثلاثة، الحلق واللسان والشفتين، وزيد في هذه السورة حرف الصاد إعلاما بما فيها من قصص الأنبياء وغيرهم هذا {كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يا سيد الرسل {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} ضيق وضجر {مِنْهُ} بسبب إبلاغه وتأدية ما أرسلت به منه إلى قومك ولا تنقبض من شكهم فيه وبإنزاله عليك وتكذيبهم لك وجحدهم نبوتك {لِتُنْذِرَ} متعلق بأنزل {به} أي الكتاب قومك وغيرهم من أهل الأرض {وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ 2} به المصدقين بك وبربك، وإنذار للمكذبين المنكرين فقل يا أيها الناس {اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} في هذا الكتاب الذي أتلوه عليكم {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} كرؤوس الكفرة والشياطين الذين يدعونكم إلى الشرك باللّه ويريدونكم على عبادة الأوثان والأهواء الفاسدة المبتدعة {قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ 3} بعظة اللّه ورسوله وكتابه، وما هنا لتأكيد القلة، أي أن اتعاظكم به قليل جدا ولهذا لم تنتفعوا به، ثم حذرهم من عدم التذكر ومن الإصرار على الشرك وإنكار التوحيد بقوله عز قوله: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها} لعدم اتعاظها {فَجاءَها بَأْسُنا} عذابنا الذي لا يرد بحكمنا الذي لا يعقب قبل أن يصبحوا بدلالة قوله: {بَياتًا أَوْ هُمْ قائِلُونَ 4} ضحوة النهار لأنه أيضا وقت غفلة لا يتوقع فيه شيء بخلاف الصباح، فإن الغارات تقع فيه غالبا، وقد أهلك اللّه قوم لوط سحرا وقال: {فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ} الآية 177 من الصافات في ج 2، وأهلك قوم شعيب ضحى، ونزول العذاب وقت الغفلة أشد وقعا في النفس من غيره وأفظع هولا، وفي هذه الآية تخويف لقريش وتنبية بعدم اغترارهم بما هم فيه من الحذر، لأن اللّه إذا أراد إنزال عذابه بهم أنزله عليهم دفعة واحدة حال غفلتهم، كما فعل بغيرهم وهؤلاء المعذبون حينما يقع بهم العذاب {فَما كانَ دَعْواهُمْ} احتجاجهم وتضرعهم ودعاؤهم {إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا} واتصل بهم عذابنا {إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ 5} أنفسنا لعدم امتثالنا أمر رسلنا، وإصرارنا على مخالفتهم، وانكبابنا على الشرك، وبعد اعتراف هؤلاء باستحقاقهم العذاب {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} يوم القيامة بالموقف العظيم على ملأ الأشهاد وليبينوا ما أجابوا به رسلنا حين دعوهم للإيمان بنا وحدنا {وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ 6} أيضا في ذلك المشهد هل بلغوا رسالتنا كما أمرناهم أم لا، وهذا السؤال من اللّه عز وجل بمثابة الجواب للقائلين {ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ} الآية 18 من المائدة في ج 3 وفي معناها كثير في القرآن، مع أن اللّه تعالى لم يترك أمة بلا رسول، راجع الآية 24 من فاطر الآتية، وهو أعلم بما يقولون لأجل الاستشهاد على إنكارهم وتوبيخهم وتقريعهم على رءوس الأشهاد، قال تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ} ما وقع منهم كله {بِعِلْمٍ} ويقين ليتحققوا أنا كنا حاضرين عملهم {وَما كُنَّا غائِبِينَ 7} عنهم حينما بلغهم الرسل أو أمرنا راجع تفسير الآية 30 من آل عمران في ج 3، وفائدة هذا القصص إخزاء المنكرين عند ما يظهر كذبهم بالموقف بشهادة رسلهم عليهم، لا لأجل الاستثبات من إيقاع أفعالهم لأن اللّه عالم بها قبل وقوعها منهم وعالم بما في الكون كليّه وجزئيه وعلمه تعالى بظاهر الأمور كعلمه يبواطنها، راجع الآية 3 من سورة سبأ في ج 2، قال تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ} يوم السؤال هو {الْحَقُّ} العدل الكائن لا محالة.